العالم يحترق

اسم الكتاب: العالم يحترق
المؤلف: بيلي جراهام


عندما تنشب نيران الحرب والجريمة، فانها تتخطى حدو البلاد، والفروق الثقافية وتصبح حرائق غائلة. ان العالم ممتلئ باﻻنقلابات والثورات والتهديدات والحروب ..
يزعم بعض اﻻقتصاديين ان السبب في كون العالم يحترق، راجع الى وجود مظالم مالية. ولذلك يقولون اننا باعادة توزيع الثروة تحل مشاكلنا.
ويزعم بعض الدبلوماسيين ، ان سبب التوتر في العالم سياسي بحت. واننا اذا استطعنا ان نحافظ على اﻻرادة الحسنة والصداقة بين الشعوب ، تحل مشاكلنا.
ويزعم بعض المربين ان سبب التوتر، راجع الى نقص التعليم والمعرفة. واننا اذا استطعنا تثقيف كل انسان ، سياتي السلام للعالم. يقولون لو عرف اﻻنسان افضل، لفعل اﻻفضل.
ويزعم علم اﻻجتماع ان البيئة السيئة المجسدة في الظروف المعيشية الصعبة ، كااﻻحياء الفقيرة في المدن، والقرى الفقيرة المحرومة، هي منبت الشر والبلاء.
اما اطروحتى في هذا الكتاب فهي مؤسسة على الحق الكتابي. يعلن الكتاب المقدس ان اﻻنسان تمرد على الله – منذ ابوانا اﻻوﻻن – وبهذا شوّه الصورة اﻻلهية، وبهذا ابتعد عن الله ، وبدا يسير في نهج حضارات وثقافات مشبعة بالجريمة والشهوة والبغضة والطمع والحرب.
ولكنه يعلن ايضا ان الله يحب البشر. لذا قام الله باكبر عملية انقاذ في التاريخ. لقد صمم على انقاذ الجنس البشري من ان يهلك نفسه، وارسل ابنه ليخلص البشر.
يتطلع الكتاب نهائيا الى المستقبل، ليرى عالما جديدا “ولكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وارضا جديدة يسكن فيها البر”(1بط3: 13). والى ان ياتي ذلك الزمان، يظل العالم يتخبط من ازمة الى ازمة. وفي وسط هذا علينا ان نحدد في اي اتجاه يتحرك الله في التاريخ – ثم نخطو مع الله!

نيران افلتت زمامها:
منذ بضع سنوات شبت النار في اﻻشجار خلف بيتنا. وقد اكتشف تلك النيران حراس الغابات .. وكان قد افلت زمام النيران، وصارت تنتشر بسرعة نحو بيتنا، حين اخبرنا المسؤلون ان نستعد لمغادرة البيت. وجاء رجال اﻻطفال – وكافحوا وكافحنا نعهم النار طوال الليل- حتى جعلنا النار تحت سيطرتنا.
وها قد شبت النيران في عالمنا ، لقد حلت قيود شياطين الجحيم. وانطلقت نيران التعصب واصبحت البغضة تكتسح العالم. ويبدو اننا نندفع بسرعة جنونية نحو هرمجدون.

نار العالم غير المنضبط:
من الحقائق التي تدعو للسخرية، ان العلم المكرس لحل مشاكلنا، قد اصبح في ذاته مشكلة. لقد قدم العلم لبشرية الكثير من اﻻختراعات كالكهرباء والسيارة والطائرة والتلفاز . لكن العلم ايضا قدم القنبلة الهيدروجينية. اننا نستطيع ان نستخدم السيارة للتنقل لكن الجانب اﻻخر يروي قصة عشرات اﻻلوف من الناس يموتون بحوادث السيارات كل سنة. عندما فتت العلماء الذرة، واطلقوا قوتها النووية، كانت اول استخدماتها – انزال الدمار بهيروشيما ونجازاكي.
ان بركة العلم يمكن ان تنقلب لعنة. ذلك ﻻن اخلاق اﻻنسان ﻻ تباري عقله. فان سوء استخدام العلم يفوق بمراحل حسن استخدامه.

نار المحنة السياسية :
قال سياسي اوربي “ان استطاع الشيطان ان يقدم علاجا شافي لحل مشاكل العالم فاني بسرور اتبعه”. وهذا بالضبط ما انبا الكتاب المقدس بحدوثه يوما ما. فعندما يعجز اﻻنسان عن حل مشاكله ، سيظهر ضد المسيح بسحر ومهارة لم تعرف من قبل – وسيتبعه كل العالم ، بل ويعبدونه.
اصبح العالم يغلي سياسيا كما في مرجل. وها هي اﻻضطرابات والمظاهرات، والثورات تحدث في كل يوم تقريبا. اصبح الناس يميلون الى استخدام الاضرابات والتظاهرات للحصول على ما يريدون.
يحدثنا التاريخ بكلمات قاصفة كالرعد، فيروي انه ما من دولة او حكومة او مملكة ابتكرها اﻻنسان يمكن ان تزدهر الى اﻻبد. وما اصدق ما قاله ول دورانت “ما من امة عظيمة غلبت حتى دمرت نفسها”.
ان سيف الحرب معلق فوق رؤوسنا كسيف ديموكليس. وان كانت علوم الطب النفسي تعدنا بشخصية كاملة، اﻻ اننا نرى انهيارات عصبية وامراضا عقلية اكثر من اي وقت مضى.
ما هو هذا البلاء؟ ان اﻻنسان بدون الله يصبح اسوا من زهرة فصلت عن غصنها. نحن ننسى اننا محدودون. لقد استعرضنا غرورنا الى شفير النهاية المحزنة. والقضية هي: هل نستطيع ان نصفي عقولنا ونستعيد كياننا ونغير اتجاهنا، قبل ان يفوت اﻻوان؟
ليس السؤال: هل اﻻنسان مريض؟ بل السؤال الخطي: هل جاوزنا امكانية الشفاء؟ هل اصبحنا بدون رجاء؟
من يسال هذا السؤال، ليسوا عامة الناس، بل هم الخبراء. اما الرجل العادي، فهو مستريح في حالته الراضية.. كانه سمكة مخباة في غلاف مجلات تتحدث عن احوال العالم. ذلك، ﻻن الاعانة اﻻجتماعية المقدمة له من الحكومة تمنحه ضمانا كاذبا. ان اﻻنسان العصري اصبح متفرجا على حوادث العالم، يشاهدها على شاشة التلفاز، دون ان يحسب نفسه متورطا فيها.
في تنافر اﻻصوات هذا تاتي كلمة الله. يقول لنا ان اﻻوان لم يفت بعد. وانا اعتقد اننا لم نجتز بعد نقطة اللا رجوع. ما زال هناك وقت لتدخل يد الله. وها نحن نقترب من ذلك الوقت بسرعة

موضوعات ذات صلة: العالم يحترق ج٢

أضف تعليق